الصفحات

الخميس، 2 أبريل 2015

أصل تسمية محلة دمنة (الحلقة الأولى)


الحلقة الأولى


في هذه الحلقة سنتكلم عن أصل تسمية محلة دمنة وعن المصادر التي أثبتت هذه التسمية… في البداية لو بحثنا عن محلة دمنة على الانترنت سنجد موقعاً عملاقاً مثل الويكيبديا (wikipedia) يختصر بلداً كاملاً ذا تاريخ منسي ومجهول في ثلاثة سطور، وها هو السطر الأول:

"محلة دمنة مركز إداري يقع بالقرب من مدينة المنصورة في محافظة الدقهلية في القطر المصري؛ ومن أعلامها عبد السلام المحجوب محافظ الإسماعيلية والإسكندرية ووزير التنمية المحلية الأسبق."

وليس عيباً أن يكون هذا كل ما نجده على الوكيبيديا فيما يخص محلة دمنة وهو هذا التعريف، فهذا الموقع يسمح بإضافة المقالات وتعديلها وهو مصدر مشاع للجمهور لإضافة ما يراه يستحق الإضافة، ولذا فسنقوم بوضع ملخص لحلقاتنا على الوكيبيديا قريباً ليتسني للجميع معرفة محلة دمنة وتاريخها.

أما عن تسميتها، فأكيد أن الكثيرين منا سأل جده أو جدته عن أصل تسمية محلة دمنة، وجاء الرد بأنها كانت محلة الدماء ثم حُرّفت لتصبح محلة دمنة. وفي الواقع أخبرتني جدتي بذلك أيضاً وأخبرتني أنه وقعت معركة سالت فيها دماء كثيرة ولذلك سميت محلة الدماء، ولكن ماذا كان قبل محلة الدماء؟ وللإجابة عن هذا السؤال نقتطف لكم جزءاً من مقالة وحيدة وجدتها على الانترنت لتقص علينا قصة محلة دمنة، وإليكم النص التالي:

"هي قرية تاريخية ذاع صيتها بين القرى المجاورة قديماً نظراً لبسالة أهلها ضد الإحتلال الصليبي الذي غزا مصر، وقامت معركة كبرى بين الفرنسيين وأهالي محلة دمنة بقيادة البطل المملوكى (عديسة) بعد أن خطب الشيخ (صالح وحيش) خطبته الكبرى بمسجد الأربعين لحثّ الأهالى على القتال، وتكونت قوة من عائلات محلة دمنة آنذاك، وضمّت أفراد عائلات أبو العز، ووحيش، والطاره، واستأجر الشيخ صالح وحيش مجموعة من المماليك بقيادة البطل عديسه وكانت تضم عائلة (الجندى اغا)، ودارت المعركة بضراوة دفاعا عن قرية نزلة وحيش كما كانت تُسمى قبل المعركة، وسالت الدماء واستشهد الكثير من أبناء عائلات البلد والمماليك الذين دافعوا عن البلدة الصغيرة وقتها ببسالة، وتنازل الشيخ صالح وحيش عن اسم البلدة وسُميت "محله الدماء" ثم تطور الاسم بعد ذلك إلى محلة دمنة."

وطبعاً القرية تاريخية فعلاً، ولكن اسمها لم يكن (نزلة وحيش) كما ذكر كاتب المقالة، ولا علم لي من أين له بهذا الاسم، حيث أن المعركة المذكورة كانت ضد الفرنسيين حوالي عام 1798 ميلادية أي قبل حكم محمد علي بسنوات قليلة، ولكن اسم البلدة كان آنذاك (محلة دمنة) وحتي كان اسمها كذلك قبل أن يأتي الفرنسيين إلى مصر بكثير. فيكفي أن نعرف أن السيد (على دويب) - صاحب (مقام سيدي على الدويب) بوسط البلد والمسجد المجاور له مُسمى باسمه (مسجد سيدي على الدويب) - كان قد نزل بمحلة دمنة وعاش بها إلى أن مات ودفن بها منذ أكثر من 400 عام. وقد ذكر ذلك في كتاب بحر الأنساب للرفاعي صفحة 50 من الجزء الرابع، وفيما يلي نورد النص المذكور:

"نسب عائلة دويب بمحلة دمنة مركز المنصورة الدقهلية

ومن الاشراف المعاصرين السيد أحمد متولي دويب من هذه الناحية ولنذكر هنا نسب ومناقب القطب سيدي علي دويب الكائن ضريحه بمحله دمنه المتوفى سنة 937 هجرية واليه يتصل نسب اولاد المرحوم السيد متولي دويب. فسيدي دويب المذكور اعقب ثلاثه وهم محمد وعلي وأحمد واتصال نسب هذه العائله بالسيد علي دويب بنوسا الغيط وأما السيد محمد دويب دفن مع والده بالمقام واعقب اثنان وهما علي وسلامة. أما علي دفن مع والده واعقب اثنين واحمد المدفونان مع والدهما ولهما العقب بمحله دمنه واما سلامه نزل بسنديله وله ذريه واما احمد نزل بالمنزله واعقب محي الدين الكائن مقامه بالمنزله وله عقب.

وهذا نسب السيد متولي دويب واخيه السيد حمد اولاد السيد سلامه بن نصير بن عطيه بن موسي بن احمد بن محمد بن علي بن محمد بن القطب السيد علي دويب اما السيد متولي المذكور فقد اعقب الساده علي وسلامه ومحمد واحمد والسيد والسيده وجيله – اما السيد علي اعقب متولي واما السيد سلامه لم يعقب واما السيد احمد فاعقب حسن وعبد العزيز واحمد وفائقه وامينه ونفيسه وسكينه ونعيمه اما السيد السيد متولي فاعقب محمد ونعيمه اما السيد متولي بن علي دويب اعقب محمد وعلي وهانم ووجيله. اما السيد علي دويب الكائن ضريحه بمحله دمنه فهو بن محمد بن حمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن محمد دويب بن عبد الله بن جعفر بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسي الكاظم بن الامام جعفر الصادق بن سيدي محمد الباقر بن الامام علي زين العابدين بن سيدنا ومولانا الامام الحسين بن سيدتنا فاطمه الزهراء بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم ."

إذاً فاسم محلة دمنة لم يولد بعد تلك المعركة المزعومة أي بعد عام 1800 ميلادية، وسنورد المزيد من المصادر مع المزيد من الحكايات والحقائق التي تبين أهميتها لاحقاً. أما إذا بحثت عن قرية اسمها محلة الدماء فلن تجد في الوطن العربي كله إلا قرية واحدة بهذا الاسم (محلة الدماء) وتتبع محافظة صعدة بدولة اليمن.

وإذا تناولنا اسم (محلة دمنة) لنعرف ماذا يعني فإننا سنجد معناه مفصلاً في العديد من المعاجم مثل المعجم الوجيز، والمعجم الغني، وكذلك معجم اللغة العربية المعاصر، ويأتي المعني كلاً على حده:

المحلة: هي منزل القوم أو هي المكان الذي يُحل فيه ويُقام فيه ومنها محل الميلاد أي مكان الميلاد.

الدمنة: الطلل أو ما تبقى من آثار الناس، أما دَمَنَ الأرض فمعناها أصلحها بالسماد.

وفي اللغة المصرية القديمة (دي من / دِمن) تعني مدينة مثل دمنهور (دي من هور) أي مدينة الإله حور. ولذا إذا نطقناها (محلة الدِمْنة) بكسر الدال فيكون معناها مكان أثر أو بقايا وأطلال خاصة بقوم ما.
أما إذا نطقناها (محلة الدَمنة) بفتح الدال فيكون معناها المكان الخصب لأنه أُصلح بالسماد.
وهناك نطق ثالث وهو أن ننطقها (محلة الدُمنة) بضم الدال حيث ورد اسمها في المصادر الأجنبية بضم الدال. وسنعرف المزيد في الحلقة القادمة بإذن الله.

-----

انتظرونا وشاركونا إذا كان لديكم أية معلومة وأهلاً باستفساراتكم وأسئلتكم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق