الخميس، 23 أبريل 2015

الحلقة الرابعة ... كوبري عاشور


كوبري عاشور


كان كوبري عاشور بمثابة الملتقى الصباحي لفلاحين محلة دمنة الذاهبين إلى حقولهم، وكان البوابة الرسمية للقادمين من العزب المجاورة ليدخلوا منها إلى بلدة محلة دمنة. وكانت لماكينة الطحين أهميتها الجغرافية والاستراتيجية حيث أنها تقع في زمام محلة دمنة إلا أنها تخدم بلاداً وعزباً كثيرة حولها، وربما كانت تلك الماكينة هي نفسها المكان الذي احتوى على وابور لحلج القطن الخاص بالدائرة السنية، والدائرة السنية هي كل أملاك ملك مصر في ذلك الحين وكان الخديو إسماعيل. وكان للخديو في ذلك الوقت نُظاراً على أراضيه، ووكلاء زراعة. وكان وجود كوبري يعبر عليه الناس من وإلى محلة دمنة ضرورياً. وفي بداية الأمر كان الكوبري خشبياً ، شأنه في ذلك شأن أية معدية خشبية على فروع الترع الصغيرة،ثم تطور ليبني بالحجارة والطوب الأحمر والأسمنت.

كوبري عاشور وتسميته


في عهد الخديو توفيق، قام أحمد عرابي بثورته على الظلم الواقع على المصريين عام 1881، وقد سميت في ذلك الحين بـ (هوجة عرابي)، وعلى أثرها استجاب الخديو لمطالب الأمة وعزل رياض باشا، وعهد إلى شريف باشا بتشكيل الوزارة، وقد ذُكر ذلك في كتب كثيرة منها كتاب (أحمد عرابي راهب الليل وفارس النهار) الذي ورد فيه ذكر الشيخ البدراوي عاشور لأول مرة. أما الشيخ بدراوي عاشور والذي نال الباشوية بعد ذلك ليصبح البدراوي باشا عاشور فقد كان وكيل زراعة شريف باشا منذ أن كان شريف باشا رئيس النظار على أراضي الخديو.

ولأن ماكينة الطحين الكائنة أمام الكوبري كانت ضمن أملاك البدراوي باشا عاشور فقد سُمي الكوبري والماكينة على اسمه. وقد صار واحداً من أكبر الإقطاعيين الزراعيين وأحد أعيان القطر المصري منذ ذلك الحين،  وقد بلغت أملاكه ما يزيد عن أربعين ألف فدان، لدرجة أنه كان يملك قرىً وعزباً بأكملها. وقد زار الملك فاروق قرية درين مركز نبروه بالدقهلية عام (1946) بدعوة من السيد باشا البدراوي مما يعكس العلاقة القوية بينه وبين القصر عامة والخديو خاصة. وقد حدثت حادثة عام (1948) اهتز لها القطر المصري كله وتداولتها الصحف فيما بعد، وكتب عنها الكاتب عبد الرحمن الشرقاوي روايته الأرض، وكانت بذرة لثورة 1952، كما ذكر العديد من الكتاب الذين أرخوا لثورة 1952. وكانت تلك الحادثة سبباً في توزيع الأراضي المملوكة لكبار الإقطاعيين على الفلاحين والمزارعين في كل أنحاء القطر المصري تحت اسم قانون الإصلاح الزراعي فوضعت الدولة يدها على الكثير من أراضي البدراوي باشا عاشور وسلمتها للفلاحين. وسنتناول الحادثة كما ذكرها المؤرخون في كتاباتهم في البوست القادم بإذن الله حتى لا نطيل عليكم.

وفي النهاية حتي وإن هُدم الكوبري ورُدمت معظم الترعة إلا أن التاريخ سيذكرنا بها، وقد ذُكر الكوبري في أغنية كتبها الشاعر حسن صلاح عن محلة دمنة، قال فيها:

يا شبابها يا أغلى ما فيها سوا بينا على كوبري عاشور

نتعاهد لنخليها من الجنة ... ويبات مأسور
بجمالها من يشرب من بحرها مرّه حبة نور
والنور راح يكبر يكبر ويعمم كل الأوطان
أنا بلدي محلة دمنة بتطرح خيرها ف كل مكان


نراكم على خير في البوست القادم بإذن الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق