الصفحات

الخميس، 16 أبريل 2015

الحلقة الثالثة ... نظرة على تاريخ محلة دمنة

في الحلقتين السابقتين تحدثنا عن محلة دمنة في الكتب الحديثة، وعن ذكرها في الخطط التوفيقية لعلى باشا مبارك، وعن الشيخ صالح وحيش صاحب مقام سيدي صالح وعلاقته بالقطب سيدي أحمد البدوي، وقبل أن نغوص في أعماق التاريخ لنتكلم عن محلة دمنة ووصفها وذكرها في كتب عمرها أكثر من 800 عام، ، نختتم ما ذُكر عن محلة دمنة في الكتب الحديثة بما ذكره الكاتب محمد رمزي[1] في كتابه "القاموس الجغرافي للبلاد المصرية من عهد قدماء المصريين إلى سنة 1945" حيث ورد فيه:

"قسم محلة دمنة ... أنشيء سنة 1826، وجعل مقره بلدة محلة دمنة التي هي اليوم من بلاد مركز المنصورة وكانت دائرة اختصاصه في ذلك الوقت تشمل 105 بلدة من بلاد مديرية الدقهلية، وفي سنة 1871 نُقل ديوان المركز من محلة دمنة إلى بلدة دكرنس لتوسطها بين بلاد هذا القسم الذي سُمي مركز دكرنس منذ تلك السنة".

ثم يستطرد الكاتب محمد رمزي تعريفه لمحلة دمنة في الجزء الثاني من كتابه "القاموس الجغرافي" فيقول:

"محلة دمنة ... هي من المدن القديمة وردت في نزهة المشتاق باسم محلة دمنة وفي نسخة أخرى منها محلة دمينة، واقعة بين شُهار (شُها) وبين قباب البازيار (القباب الكبري)، ووردت في قوانين ابن مماتي وفي تحفة الإرشاد محلة دمنا وجزيرتها من أعمال الدقهلية، وفي التحفة من أعمال الدقهلية والمرتاحية، وقد ضبطها صاحب تاج العروس محلة دمنا بكسر الدال وفتح الميم."

أما عن منية محلة دمنة فقد ذكر الكاتب أنها وردت في قوانين ابن مماتي وتحفة الإرشاد في حرف الحاء باسم حصة محلة دمنا. وجزيرة محلة دمنة هي نفسها جزيرة القباب الحالية كما وردت في كتاب (تاج العروس) لمرتضى الزبيدي المتوفي عام 1204 ه.

أما إذا وجّهنا وجهنا شطر الكتب القديمة، فهناك "قوانين التدووين" لابن مماتي، وفي هذا الكتاب ورد اسم محلة دمنة بهذا الشكل "محلة دمنا"، وهذا الشكل ورد أيضاً في ختم البريد الخاص بمحلة دمنة منذ أكثر من مئتي عام، وسيتم نشره في البوست القادم إن شاء الله. وقد ورد في كتاب ابن مماتي في سرده للبلاد والقرى الواقعة ضمن زمام الدقهلية اسم محلة دمنا وجزيرتها، ومنية محلة دمنا وهي حصتها.

وحين نغوص في أعماق التاريخ أكثر، نجد دُرّة فريدة اسمها كتاب (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) للشريف الإدريسي المتوفي سنة 559 ه، حيث قال في الجزء الأول من كتابه:

" وأسفل طرخا ينقسم هذا الخليج قسمين يصل أحدهما إلى بحيرة تنيس شرقا والثاني يصل غربا إلى مدينة ذمياط فمن شاء أن ينزل إلى تنيس ينزل من طرخا إلى منية شهار في الغربي وهي مدينة صغيرة عامرة بها تجارات وأموال قائمة ويقابلها في الضفة الشرقية محلة دمينة وبينهما خمسة أميال ومنية دمينة أسفل من مدينة شهار ومن محلة دمينة إلى قباب البازيار اثنا عشر ميلا وهي قرية كبيرة ومنها نازلا إلى قباب العريف ستة عشر ميلا ومنها إلى قرية دمو خمسة عشر ميلا ومن دمو إلى مدينة طماخ ميلان في الضفة الشرقية وهي مدينة حسنة كثيرة العامر فيها أسواق ومتاجر قائمة ومنها إلى شمون عشرة أميال وهي قرية عامرة ومنها إلى قرية الأنصار في الضفة الغربية عشرون ميلا ومنها إلى قرية وبيدة عشرون ميلا في الضفة الشرقية ومنها إلى برنبلين عشرون ميلا وهي في الضفة الغربية ثم إلى شنيسة أربعون ميلا ثم غربا إلى بحيرة تنيس خمسة عشر ميلا."

وقد طرأ التغير على بعض أسماء البلدان التي ذكرها الإدريسي كما وضعناها باللون الأحمر، فطرخا هي مدينة طلخا. أما بحيرة تنيس هي بحيرة المنزلة، وشُهار هي شُها، أما قباب البازيار فهي القباب الكبري، أما قباب العريف فهي الجزيرة حالياً، ومنية دمنية هي منية محلة دمنة، وكذلك دمو هي دموه (السباخ) أما برنبلين فهي مدينة برنبال في الوقت الراهن.

وقد وردت بهذا الشكل أيضاً حين ذكرها مرتضى الزبيدي في كتابه "تاج العروس" في الجزء الثامن والعشرين باسم محلة دمنا : "قالَ الحافظُ فِي التَّبصير: بل بمِصْرَ نحوُ مائةِ قريةٍ، يُقالُ لكل مِنْهَا: مَحَلَّةُ كَذَا. قلت: وتفصيلُ ذَلِك: {مَحَلَّةُ دَمَنا، ومَحَلّة إنْشاق، كلاهُما فِي الدَّقَهْلِيّة، وَقد دخلتُهما. ومَحَلَّة مَنُوف. ومَحَلّة كرمين. ومَحَلَّتا أبي الهَيثَم، وعليٍّ."

وفي ختام حلقة اليوم، نشكركم على حسن المتابعة والقراءة، متمنين أن تشاركونا بتعليقاتكم وأفكاركم ونقاشاتكم الجادة. وأتقدم بالشكر لأخٍ فاضل تساءل لم لا تكون محلة دمنة معناها مكان السباخ أو أرض سبخة حيث أن الدمنة تحمل هذا المعنى أيضاً، وتأتي نصف الإجابة في كتاب معجم البلدان لياقوت الحموي المتوفي عام 1229 م عندما قال:
" دمينةُ: تصغير دمنة وهو ماسُوًد من آثار القوم. جبل للعرب." أي أنها طلل أو أثر.

أما نصف الإجابة الآخر ففي بيتٍ شعريٍ ورد في كتاب (المنازل والديار) لأسامة بن منقذ في الجزء الأول في ذكر الأطلال:

"أصبحت بعد جميع أهلك دمنة ... قفراً، وكنت محلة محلالا"

وإلى اللقاء في حلقة جديدة بإذن الله تعالى




[1]  ولد المؤلف محمد رمزى فى مدينة المنصورة يوم 17 من أكتوبر عام 1871 وتوفي عام 1945. وكان أبوه عثمان بك رمزى ، من رجال الخديو ، وجده مصطفى أغا كسكة من رجال المدفعية الأتراك الذين عملوا مع سليمان باشا الفرنساوى فى تنظيم الجيش المصرى وتحديثه فى عهد محمد على .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق