الثلاثاء، 26 مايو 2015

صاحب الرغيف الثالث


روي أن عيسى عليه الصلاة والسلام كان معه صاحب في بعض سياحاته فأصابهما الجوع وقد انتهيا إلى قرية، فقال عيسى عليه الصلاة والسلام لصاحبه: انطلق فاطلب لنا طعاماً من هذه القرية وأعطاه ما يشتري به، فذهب الرجل وقام عيسى عليه الصلاة والسلام يصلي، فجاء بثلاثة أرغفة فقعد ينتظر انصراف عيسى عليه السلام من صلاته، فأبطأ عليه فأكل رغيفاً وكان عيسى عليه الصلاة والسلام رآه حين جاء ورأى الأرغفة ثلاثة. فلما انصرف من صلاته لم يجد إلا رغيفين، فقال له: أين الرغيف الثالث؟ فقال الرجل: ما كانا إلا رغيفين. فاكلاهما ثم مرّا على وجوههما حتى أتيا على ظباء ترعى، فدعا عيسى عليه الصلاة والسلام واحدا منها فجاءه، فذبحاه وأكلا منه، فقال له عيسى: بالذي أراك هذه الآية من أكل الرغيف الثالث؟ فقال: ما كانا إلا اثنين. ثم مرّا على وجوههما حتى جاءا قرية فدعا عيسى ربه أن ينطق له من يخبره عن حال هذه القرية، فأنطق الله له لبنة فسألها عيسى فأخبرته بكل ما أراد وصاحبه يتعجب مما رأى، فقال له عيسى: بحق من أراك هذه الآية من صاحب الرغيف الثالث؟ فقال: ما كانا إلا اثنين. فمرّا على وجوههما حتى انتهيا إلى نهر عجاج فأخذ عيسى صلوات الله عليه بيد الرجل ومشى به على الماء حتى جاوز النهر فقال الرجل: سبحان الله. فقال عيسى عليه الصلاة والسلام: بالذي أراك هذه الآية من صاحب الرغيف الثالث؟ فقال: ما كانا إلا اثنين. فمرّا على وجوههما حتى أتيا قرية عظيمة خربة، وإذا قريب منها ثلاث لبنات عظام، وقيل ثلاثة أكوام من الرمل، فقال لها كوني ذهبا بإذن الله فكانت، فلما رآها الرجل قال: هذا مال، فقال عيسى: نعم واحدة لي، وواحدة لك، وواحدة لصاحب الرغيف الثالث. فقال الرجل: أنا صاحب الرغيف الثالث. فقال عيسى عليه الصلاة والسلام: هي لك كلها، ثم فارقه عيسى. وأقام الرجل ليس معه ما يحملها عليه. فمر به ثلاثة نفر فقتلوه، فقال اثنان منهما للثالث: انطلق إلى القرية فأتنا بطعام. فانطلق فلما غاب قال أحدهما للآخر: إذا جاء قتلناه واقتسمنا المال بيننا، فقال الآخر: نعم. وأمّا الذي ذهب ليشتري الطعام فإنه أضمر لصاحبيه السوء، وقال أجعل لهما في الطعام سُمّاً فاذا أكلاه ماتا وآخذ المال لنفسي. فوضع السم في الطعام وجاء فقاما اليه فقتلاه وأكلا الطعام فماتا، فمر بهم عيسى عليه الصلاة والسلام وهم مصروعون حولهم فقال: هكذا الدنيا تفعل بأهلها.

----------
المصدر: المستطرف في كل شيء مستظرف - الجزء الثاني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق